الجمعة، 2 نوفمبر 2012

الشخصية الهستيرية



اعرفكم بنفسي انا محاسب في بنك  شاب ، طوال عمري اعتبر نفسي شخص وسط ، وسط  في كل شيء طموحي و قيمي و تديني  و جهدي في المذاكرة او العمل .  انا بالطبع قاريء جيد و لي اصدقاء من المثقفين منهم من يشابهني و منهم من له ميول اخري اكثر انفتاحا علي الحياة و تغلبا عليها . لا احب الظهور و لكن احب العمل الجاد الحقيقي ، يهمني بالطبع ان اترقي و ان اكسب بعض المال ، و لكني ايضا اخاف من المغامرات او اتخاذ قرارات في العمل او الحياة مثل الهجرة او تغيير العمل . اه ، لقد نسيت ان اقول لكم اني في 34 و اني بسبب مثابرتي و ثباتي الانفعالي و تمسكي بالعمل في البنك منذ تخرجي فقد ترقيت و اصبحت رئيس احد الاقسام و انا في سن صغير . ثقة رؤسائي بي انا اعرف انها ليست لابداعي و لقدراتي علي تطوير العمل بقدر ما انا الشخص الروتيني الذي يحافظ علي لوائح البنك و كذلك لا ينافس رؤسائه علي كراسيهم .
و لكن حدث لي  او ربما كنت انتظره ان يحدث ، حيث انني تاخرت نوعا ما عن الزواج و خاصة بالنسبة لشخص محافظ مثلي ، ان ظهرت فتاة موظفة جديدة بالبنك و لما كنت انا من اكثر الموظفين جدية و تمسك باللوائح وزعها البنك علي لتمرينها هي و غيرها .
هي بالطبع ساحرة بالنسبة لي ، ليست وسط مثلي ، رغم انها كانت محجبة  ( حجاب اسميه مودرن قدر ثقافتي و تحفظي  )  ، كما انها كانت تتكلم بدون تحفظ للالقاب ، فهي و زملائها اصغر مني ب 12 سنة علي الاقل ، الاانني لاحظت انها قد تناديني باسمي ( بدون " استاذ " قبلها ) خاصة اذا كانت  في المكتب معي وحدها او بصحبة واحدة فقط من زميلاتها .
رغم تعاملي معها و مع كل زملائها وزميلاتها من المتدربين بالقسم لدي بنفس الطريقة الا اني لاحظت انها تريد ان تجذب اهتمامي بالضحك او الصوت العالي او حتي بترددها اكثر علي مكتبي ، لفتت نظري اليها ، بالكلمة و الاطراء . و شيئا اخر غير الاطراء ، ان لها طريقة اخري جذابة تشعرك انك مهم ، او راجل مهم !!!!.
لا انكر انني فكرت فيها كزوجة للمستقبل ، اعطيت لنفسي فرصة لاعرفها اكثر و اقتربنا ، و لكنني لاحظت انها تتقرب لي في السر في المكالمات او النزهات  ، و في العمل بدأت تظهر انها جادة و ان من يرانا و كأنني مهتم بها اكثر من اللازم ، انها تطنشني في بعض الاوقات غير ما بدأت عليه من تقرب في بداية تعارفنا .
لاحظت انها واعية لما تفعل فهي تتصل بي و تراضيني بعد العمل عن انشغالها .
علي اي حال انا بطبعي الوسطي لا اندفع في علاقة او طلب زواج الا بعد التأكد من كل شيء ، لاحظت مع الوقت انها لا تهتم بالعمل – كما اهتمامي الجاد طبعا ، بل انها تميل للنجاح في العمل للتقرب من الرؤساء و التردد عليهم . المحت لها كثيرا ، و لكني لا حظت انها تتقرب لاحد زملائنا رئيس قسم اخر و كان العتاب حازما مني لها ، فوجئت بعد ان ذهبت مكتبها ان احد زميلاتها تطلب لها عذر الذهاب للمنزل لانها تعاني من عدم القدرة علي التنفس و مغص شديد .
في هذا اليوم كلمتني اخت لها و عرفتني علي نفسها و قالت لي انها تعاني من حرارة مرتفعة و ان وعيها غير كامل و تصابها تشنجات مع البكاء و انها تذكر اسمي و انهم عرضوها علي طبيب نفسي و قال لهم صدمة عصبية . الحقيقة انا لم ادرك ماذا افعل و  لكني طلبت من اختها ان اراها _ شعرت انني في دراما فيلم او مسرحية . ذهبت و رايت اهلها ، والدها و والدتها و اختها التي كلمتني ، استضافتني الاسرة في الانتريه حتي خرجت هي في كامل بهاءها ، و لكن في نظرتها و كلامها عتاب لي ، و اسرت لي بحبها . لم اقدر وسط هذا الكم من المشاعر و التقارب و الضعف منها و تصريحها بالحب الا ان اطلبها للزواج / في وقتها وافقت هي و الاسرة علي الخطوبة .
بعد الخطوبة شيء اخر ، لا يحلو لها الا ان اظهر بمظهر من يجري ورائها  امام الاخرين من الزملاء في العمل او الاسرة ، و اذا قاومت او انشغلت في عمل او واجب اسري ، تقربت مني اكثر في لمسة يد او كلام يفقدني اتزاني . انا لا انكر ان انجذابي اليها يقضي علي كل افكاري الوسطية . لاحظت انها تريدني ان اتعدي رؤسائي لمجرد ان اكون في دائرة الاهتمام ، ناقشتها كثيرا في مغبة ذلك و انه لو كان للظهور هدف يكون بالمجهود و حسب ظروف البنك ، اتهمتني بالضعف و بعدم الطموح و عدم استغلال الفرص .
ما اثارني و قسم ظهر البعير في علاقتنا ان هناك من الزملاء الجدد في البنك  الاصغر مني و منها سنا ، تقدم لخطبتها ، و انه ادعي لوالدها انه لا يعرف امر خطوبتها و انها من شجعته علي ذلك ؟
الامر اثارني و امتدت يدي لكتاب قريب لي من كتب علم النفس لاقرأ عن ما يمكن ان يفسر ما هي عليه ، وجدت الكثير مما تتصرف به و اعانيه في الشخصية الهستيرية .
هل سأكمل معها الطريق ، ام احافظ علي طريقي الوسط الذي انا فيه ، لا انكر انها ساحرة ، و انها ربما تكمل ما انا فيه من وسطية بانفتاحها الزائد و قدرتها علي اشباع عاطفتي و لكنها تنهك مشاعري و افكاري بما اعتبره اخطاء و مشاعر زائدة درامية . هل اظلمها اذا تركتها ام اضحي بحب لها  لم اشعر بمثله. افكاري ايضا اصبحت هستيرية .....درامية حتي النهاية .     بقلم د/ احمد البحيري  


ليست هناك تعليقات: