اعرفكم بنفسي انا محاسب في
بنك شاب ، طوال عمري اعتبر نفسي شخص وسط ،
وسط في كل شيء طموحي و قيمي و تديني و جهدي في المذاكرة او العمل . انا بالطبع قاريء جيد و لي اصدقاء من المثقفين
منهم من يشابهني و منهم من له ميول اخري اكثر انفتاحا علي الحياة و تغلبا عليها . لا
احب الظهور و لكن احب العمل الجاد الحقيقي ، يهمني بالطبع ان اترقي و ان اكسب بعض
المال ، و لكني ايضا اخاف من المغامرات او اتخاذ قرارات في العمل او الحياة مثل
الهجرة او تغيير العمل . اه ، لقد نسيت ان اقول لكم اني في 34 و اني بسبب مثابرتي
و ثباتي الانفعالي و تمسكي بالعمل في البنك منذ تخرجي فقد ترقيت و اصبحت رئيس احد
الاقسام و انا في سن صغير . ثقة رؤسائي بي انا اعرف انها ليست لابداعي و لقدراتي
علي تطوير العمل بقدر ما انا الشخص الروتيني الذي يحافظ علي لوائح البنك و كذلك لا
ينافس رؤسائه علي كراسيهم .
و لكن حدث لي او ربما كنت انتظره ان يحدث ، حيث انني تاخرت
نوعا ما عن الزواج و خاصة بالنسبة لشخص محافظ مثلي ، ان ظهرت فتاة موظفة جديدة
بالبنك و لما كنت انا من اكثر الموظفين جدية و تمسك باللوائح وزعها البنك علي
لتمرينها هي و غيرها .
هي بالطبع ساحرة بالنسبة لي ،
ليست وسط مثلي ، رغم انها كانت محجبة (
حجاب اسميه مودرن قدر ثقافتي و تحفظي
) ، كما انها كانت تتكلم بدون تحفظ
للالقاب ، فهي و زملائها اصغر مني ب 12 سنة علي الاقل ، الاانني لاحظت انها قد
تناديني باسمي ( بدون " استاذ " قبلها ) خاصة اذا كانت في المكتب معي وحدها او بصحبة واحدة فقط من
زميلاتها .
رغم تعاملي معها و مع كل
زملائها وزميلاتها من المتدربين بالقسم لدي بنفس الطريقة الا اني لاحظت انها تريد
ان تجذب اهتمامي بالضحك او الصوت العالي او حتي بترددها اكثر علي مكتبي ، لفتت
نظري اليها ، بالكلمة و الاطراء . و شيئا اخر غير الاطراء ، ان لها طريقة اخري
جذابة تشعرك انك مهم ، او راجل مهم !!!!.
لا انكر انني فكرت فيها كزوجة
للمستقبل ، اعطيت لنفسي فرصة لاعرفها اكثر و اقتربنا ، و لكنني لاحظت انها تتقرب
لي في السر في المكالمات او النزهات ، و
في العمل بدأت تظهر انها جادة و ان من يرانا و كأنني مهتم بها اكثر من اللازم ،
انها تطنشني في بعض الاوقات غير ما بدأت عليه من تقرب في بداية تعارفنا .
لاحظت انها واعية لما تفعل فهي
تتصل بي و تراضيني بعد العمل عن انشغالها .
علي اي حال انا بطبعي الوسطي لا
اندفع في علاقة او طلب زواج الا بعد التأكد من كل شيء ، لاحظت مع الوقت انها لا
تهتم بالعمل – كما اهتمامي الجاد طبعا ، بل انها تميل للنجاح في العمل للتقرب من
الرؤساء و التردد عليهم . المحت لها كثيرا ، و لكني لا حظت انها تتقرب لاحد
زملائنا رئيس قسم اخر و كان العتاب حازما مني لها ، فوجئت بعد ان ذهبت مكتبها ان
احد زميلاتها تطلب لها عذر الذهاب للمنزل لانها تعاني من عدم القدرة علي التنفس و
مغص شديد .
في هذا اليوم كلمتني اخت لها و
عرفتني علي نفسها و قالت لي انها تعاني من حرارة مرتفعة و ان وعيها غير كامل و
تصابها تشنجات مع البكاء و انها تذكر اسمي و انهم عرضوها علي طبيب نفسي و قال لهم
صدمة عصبية . الحقيقة انا لم ادرك ماذا افعل و
لكني طلبت من اختها ان اراها _ شعرت انني في دراما فيلم او مسرحية . ذهبت و
رايت اهلها ، والدها و والدتها و اختها التي كلمتني ، استضافتني الاسرة في
الانتريه حتي خرجت هي في كامل بهاءها ، و لكن في نظرتها و كلامها عتاب لي ، و اسرت
لي بحبها . لم اقدر وسط هذا الكم من المشاعر و التقارب و الضعف منها و تصريحها
بالحب الا ان اطلبها للزواج / في وقتها وافقت هي و الاسرة علي الخطوبة .
بعد الخطوبة شيء اخر ، لا يحلو
لها الا ان اظهر بمظهر من يجري ورائها
امام الاخرين من الزملاء في العمل او الاسرة ، و اذا قاومت او انشغلت في
عمل او واجب اسري ، تقربت مني اكثر في لمسة يد او كلام يفقدني اتزاني . انا لا
انكر ان انجذابي اليها يقضي علي كل افكاري الوسطية . لاحظت انها تريدني ان اتعدي
رؤسائي لمجرد ان اكون في دائرة الاهتمام ، ناقشتها كثيرا في مغبة ذلك و انه لو كان
للظهور هدف يكون بالمجهود و حسب ظروف البنك ، اتهمتني بالضعف و بعدم الطموح و عدم
استغلال الفرص .
ما اثارني و قسم ظهر البعير في
علاقتنا ان هناك من الزملاء الجدد في البنك
الاصغر مني و منها سنا ، تقدم لخطبتها ، و انه ادعي لوالدها انه لا يعرف
امر خطوبتها و انها من شجعته علي ذلك ؟
الامر اثارني و امتدت يدي لكتاب
قريب لي من كتب علم النفس لاقرأ عن ما يمكن ان يفسر ما هي عليه ، وجدت الكثير مما
تتصرف به و اعانيه في الشخصية الهستيرية .
هل سأكمل معها الطريق ، ام
احافظ علي طريقي الوسط الذي انا فيه ، لا انكر انها ساحرة ، و انها ربما تكمل ما
انا فيه من وسطية بانفتاحها الزائد و قدرتها علي اشباع عاطفتي و لكنها تنهك مشاعري
و افكاري بما اعتبره اخطاء و مشاعر زائدة درامية . هل اظلمها اذا تركتها ام اضحي
بحب لها لم اشعر بمثله. افكاري ايضا اصبحت
هستيرية .....درامية حتي النهاية .
بقلم د/ احمد البحيري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق