المرأة لها دور كبير في مجتمعنا و في مقابل هذا الدور تتعرض المرأة و خاصة الام لكثير من الضغوط اليومية في حياتنا العصرية . بجانب ان الام تشارك في العمل و في مصاريف الاسرة و ربما كانت الام الوحيدة العائلة للاسرة فأن تفاصيل التربية للابناء و البنات في السنوات الاخيرة اصبحت في ازدياد في ظل الانفتاح علي العالم و من خلال ثورة الاتصالات.فتحتاج الام بالتاكيد لمزيد من الوسائل و المهام و القراءة و الاطلاع و الوقت و المجهود مما يشكل مزيد من الواجبات و الضغوط .
و النتيجة مزيد من العصبية و الغضب و عدم التحكم فكلما زاد الضغط النفسي زاد المجهود للتحكم و مخاوف عدم التحكم في الواجب الملقي علي الام في الاسرة و حتي محاولة تحكمها بجانب الوسائل و طرق التربية العقلانية و النظامية الا انها قد تسبقها مشاعرها للعصبية و الغضب .
للعصبية و الغضب للام في الاسرة اسباب اخري يمكن علاجها بعد تشخيصها مثل العصبية لاسباب مواقف احباط في العمل او الاسرة .
العصبية لا تكون مجرد مشاعر غضب او اندفاعية و عدم تحكم و لكن قد يصاحبها شعور بالاجهاد و بعض الاعراض الجسمانية مثل المغص و الصداع و الخفقان و ضيق الصدر و الرعشة و الشعور بالتنميل في الاطراف عند العصبية .
و لكننا نري ايضا ان معظم الاسباب كما قلنا تؤول لاسباب الضغوط و التفاعل معها وعدم تحملها و هنا يأتي ايضا دور الرعاية النفسية و الطبيب النفسي و لكن قبل ذلك يمكننا ان نوجه ارشادات هامة للتغلب علي العصبية و غضب الام في الاسرة تقوم بها الام للتغلب علي العصبية او يقدمها الزوج و باقي افراد الاسرة و خاصة الابناء الاكبر سنا او الاقربين لها . فالمساندة الاجتماعية و التحكم في العصبية مازالا اهم الخطوات للتغلب عليهم .
ماذا تفعل الام للتغلب علي عصبيتها :
عليك ان تتفهمي ان العصبية ليست وسيلة و لاهدف و لكنها ارهاق لك و عليك في اول الخطوات للتغلب عليها ان تعرفي اننا في غضبنا و عصبيتنا نكرر انفسنا . فكلنا عناصر حياتنا واحدة و يوجد اشياء فيها تعجبنا و اشياء اخري لا تعجبنا .
الان عليك ان تعطي بعض الوقت و انت "هادئة " للتفكير في اسباب عصبيتك هل له علاقة بالاحباط من امر ما او اكتئاب او قلق من شيء او بسبب قله مهارة او عدم قدرةعلي اقناع في التعامل في العمل او الاسرة او لمشاكل في النوم او لارتباطه بتغيرات مزاجية في الدورة الشهرية مثلا .
اذا كان هناك سبب تستطيعين التعامل معه مباشرة مثل مشاكل النوم او فترة تغير المزاج مع الدورة الشهرية او حتي باكتساب مهارة معينة للتعامل فكلها اشياء يمكنك بسهولة حلها و تقليل عصبيتك في رد فعلك .
اما اذاوجدت ان عصبيتك بدون سبب واضح فعليك دراسة الامر اكثر بينك و بين نفسك و استرجاع المواقف المتكررة التي حدثت فيها العصبية . بالطبع ما ستفعليه الان لن يكون اثناء نوبة غضبك و لكن و انت هادئة تماما ، فعليك تذكر المواقف المتكررة للعصبية و ما يحدث قبلها و اثناءها و بعدها و تقترحي حلول بينك و بين نفسك للموقف الماضي .
مثلا تعصبت نتيجة لخوفك علي احد اولادك لعدم اداؤه المجهود اللازم للامتحان فعليك ان تضعي حل اخر غير العصبية يكون فيه من التوجيه و التهديد له او الترغيب او المناقشة او حل مشكلته ليؤدي المجهود المطلوب منه ، فالعصبية لن تحل المشكلة بل تزيدها .
حلول العصبية سوف تجديها بتأملك لكل مشكلة ووضع سيناريو ناجح حين تكرارها للتعامل معها دون عصبية بالطبع هناك اقتراحات كثيرة لذلك فعند العصبية يمكن مثلا الابتعاد و اخذ نفس عميق ووقت مستقطع لتقلبل حدة الغضب و اتخاذ القرار او الرد المناسب في الكلام بعد ذلك . يمكنك ان تفهمي ان التعبير عن احباطك او غضبك يمكنك التعبير عنه بطريقة هادئة مع الزوج او الصديقة . اوقات الراحة و الاسترخاء او الرياضة او الهواية الاسبوعية تجعلك اكثر قدرة علي الفصل بين مشاعرك و المواقف التي تزيد عصبيتك . المجهود المستمر و الاحتراق في العمل او خدمة الاسرة لان يفيدك و لن يفيد العمل و الاسرة عليك ان تحددي اوقات للراحة و ليس فقط للنوم و لكن لانشطة تحبينها . تجنبي الكلمات الناقدة للاولاد او الزملاء في العمل او الزوج لانها تسبب عندهم نوع من العند في الاستجابة لك و لطلباتك و يزيد ذلك ضغوطك اليومية. لازال كما قلت الصداقة بين الزوجين أو ان يكون لك صديقات في مساندة لك مما يسمح لك ذلك بالفضفضة و روح المرح و تقليل الشعور بالضغوط و ايجاد و سيلة اخري بدلا من التعبير بالعصبية .
ماذا علي الزوج و الابناء الكبار او الصديقات و الاقربين للتعامل و مساندة الام لتجنب العصبية ؟
لابد من تفهم ان المراة العصبية او النكدية لن يقف تاثيرها علي نفسها فستمتد علي كل تعاملات الاسرة
و علي الزوج بالاخص تفهم ان علاقة تفاهم و صداقة تحميهواسرته و ابناؤه . الاحترام و الابتسامة و اعطاء الوقت في الازمات هو ما يقال عنه الاحتواء من الزوج للزوجه . الاحتواء يهضم كل عصبية .
العصبية لا تعامل بالعصبية و لكن لابد من الحفاظ علي حوار يومي جلسة لشرب الشاي و الدردشة بين الازواج بغرض فقط الحوار المفتوح و هي تحمي من اي اختلاف اوتعصب لانها ستكون دائما بديل للمواجهة في اوقات العصبية .
لابد للزوج او الاقربين ان يتفهموا ان العصبية من الام او الزوجة هي مجرد عصبية لسبب و ليس لانها تهينهم و بالتالي لابد من البعد عن اهانتها . فمن المؤكد ان صفات اتهامية للزوجة بسبب عصبيتها انها مندفعة او نرجسية او متحكمة او نكدية سيزيد الامر سؤا . و الافضل ان نظهر تفهمنا لوجهة النظر حتي لو لم ننفذ المطلوب لاختلافنا . و نؤجل المناقشة فيه في وقته كما قلنا في وقت نختاره للنقاش الهاديء.علي الزوج ان يفكر في حلول للضغوط و اسباب العصبية التي تواجهها الزوجة و لا يكون الامر في لومها او التقليل منها ، فهي تحتاج لحلول حقيقية لما يسبب الضغوط او علي الاقل تفهم لما تتعرض له .
علي الجميع في الاسرة الام و الزوجة و الابناء ان يعبروا عن مشاعرهم و احباطاتهم و الضغوط التي عليهم حتي يتفهموا بعض اكثر كما يتفهم كل طرف المشاكل الذي يواجهها غيره . فالصداقة بين الام و بنتها المراهقة مثلا ليس فقط لتربية افضل للابنة ولكن لاكتساب صديقة جديدة للام .
علي الام والاب تفهم المشاكل المتوقعة من ابناءهم و خاصة في فترات التحولات في التربية مثل دخول المدرسة و المراهقة ودخول الجامعة للقدرة علي التعامل معها سويا .
قد تكون العصبية ناتجة عن اسباب مرضية منها نتيجة لاضطراب القلق و الاكتئاب او اضطراب المزاج ما قبل الدورة الشهرية او حول فترة فقدان الطمث او اضطراب الجسدنة . و قد يكون السبب عضوي بحت لاضطراب الغدة الدرقية او عدم انتظام علاج السكري . و بالطبع في هذه الحالات لابد من التوجه لمتخصص طب نفسي او طبيب باطني لتشخيص الاسباب و علاجها ..
د احمد البحيري
استشاري الطب النفسي