عند التعامل مع اضطراب الإدمان و تشخيصه يظهر هناك احد الأعراض يسمي باللهفة أو الشوق و الرغبة الشديدة للتعاطي للمادة الادمانية. و اللهفة و هي الرغبة الشديدة و هي حالة إنسانية تظهر في حالات طبيعية مثل الأكل و الجنس. و في الحالة الطبيعية تكون اللهفة للأكل أو الجنس نتيجة لتفاعل في خلايا المخ تدفع الشخص لذلك –
و تكون مرتبطة بقيمتها للحفاظ علي الحياة’ أو الإبقاء علي الجنس البشري.
تفاعل الخلايا في المخ مرتبط بدوائر دماغية عصبية ( و تسمي مركز المكافأة بالمخ ) تؤدي إلي شعور ايجابي بالمتعة أو المكافأة النفسية. و هذا يحدث بصورة طبيعية عند استثارته في الأكل و الجنس.
و عند تعاطي المخدرات و الكحوليات و المواد الادمانية تقوم هذه المواد بتنشيط و استثارة هذه الدوائر العصبية
( مركز المكافأة ). الاستثارة تكون عن طريق مثيرات مرتبطة ارتباط شرطي مثل الأصوات و الأفكار
و الروائح و المشاهد، و تكون مرتبطة ارتباط شرطي بالتعاطي و متعته. و هذه المثيرات باستثارتها لمركز المتعة تؤدي لشعور اللهفة. و شعور اللهفة للمواد الادمانية و الكحوليات يكون اكبر في اللهفة في حالة الأكل و الجنس.
و مركز المكافأة يتحكم فيه دوائر عصبية لمنعه و كبح جماحه متصلة بالفص الأمامي للمخ، و هذه مسئولة عن التحكم في سير اللهفة، و بالطبع هناك من خلقوا و لدهم مراكز لكبح جماح اللهفة أكثر من الآخرين.و علي هذا فان الأناس الذين يمتلكون مراكز ضعيفة لكبح جماح اللهفة لديهم قدرات اقل علي الفاعل مع اللهفة و يضعهم عرضة أكثر للإصابة بمرض الإدمان و الانتكاس عند العلاج . و هناك أيضا أسباب خارجية تضعف من مراكز كبح جماح اللهفة مثل تناول الافيونات و منها الهيروين و الكوكايين و الافيونات المختلفة مثل الترامادول و الكوديين.
و في دراسات للخلايا العصبية بالمخ و تصويره بالأشعة المقطعية و الرنين الوظيفي، وجدت الأبحاث أن استثارة مركز المكافأة عن طريق المثيرات المرتبطة بتعاطي المواد الادمانية قد يحدث قبل أن يصل إلي وعي المريض و هذا في مدة اقل من 33 مللي ثانية. و بالطبع فان القليل من التعاطي لمرضي الإدمان يكون له اكبر الأثر في الاستثارة أكثر من أي مثيرات أخري.
إذا ما هي مثيرات مركز المكافأة في اضطراب الإدمان ؟ الأشخاص / الأماكن / الأوقات / الممتلكات / المشاهد / الأصوات / و المواد المخدرة كلها ترتبط في حياة مريض الإدمان و تكون مثيرات لمركز المكافأة.
فقد نري مريض ينظر للوحة معينة أو يمر عليه وقت الغروب و يثيره للتعاطي دون ادني تواجد للمادة المخدرة أو ظروف أخري.
و في الأبحاث الحالية يتم اختبار أدوية حديثة لتعزيز دور الوصلات العصبية التي تمثل الفرامل علي مركز المكافأة في المخ.
و طالما لم يتوفر العلاج الدوائي حتى الآن ماذا يفعل مريض الإدمان تجاه اللهفة إذا أصابته و شعر بها:
1- علي مريض الإدمان أن يري اللهفة علي إنها حقيقة عملية و لا يحاول إنكارها أو التكبر عليها أو إهمالها،
و يجب أن يري وجود اللهفة لا يعني انه قليل الإرادة أو أن عليه أن ينتهي بالانتكاس. اللهفة فقط هي مجرد عرض من أعراض اضطراب الإدمان و لابد من التعامل معه.
2- التدريب علي الطرق السلوكية لمنع اللهفة، مثل أن يعقد المريض اتفاق مع نفسه أن لا ينفذ ما يستهواه في الإدمان أو غيره خلال مدة خمس دقائق. و كذلك عليه أن يشتت أفكار اللهفة بأفكار أخري مثل الحديث مع الآخرين أو القيام بنشاط أخر مثل دش دافيء أو تنظيف منزله مثلا و هكذا . فاللهفة لا تستمر إلا دقائق و يمكنك الانتصار عليها بأفعال التشتيت.
3- اعرف أكثر عن مثيرات اللهفة كما قلنا عنها من قبل و ضع طرق للتغلب عليها و شارك معالجك فيها.
4- يمكنك الاتصال بشخص قريب لك أو بمعالجك لتشتت الأفكار و اخذ أفكار علاجية أكثر.
5- لا تحاول الاعتماد علي الأدوية فقط لتقليل اللهفة فالأدوية تساعد فقط مريض الإدمان المتدرب علي أدواته
و لكنها غير كافية لان الإنسان اعقد من مجرد التحكم في لهفته بقرص دوائي .
و تذكر ان اللهفة يؤدي إلي الاستمرار في التعافي و التحسن من الإدمان.
د/احمد البحيري - استشاري الطب النفسي
0124126363
drbeh@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق