مريض الإدمان قد يقتل نفسه جراء تعاطيه للمخدرات او
الكحوليات لعدم قدرته على
التحكم في دوافعه القوية للشرب. هذه التغيرات المدمرة في سلوك مريض الإدمان لا
يمكن التعامل معها فقط بالردع او التهديد بالعقوبة لمنعه من تعاطي المخدرات .
لا يمكن فقط شرح الامر للمريض ان الإدمان مرض مزمن يؤثر علي الدماغ . الامر اعقد من هذا . يحتاج المريض ان يفهم كيف يؤثر هذا عليه بطريقة اكثر تحديدا . عليه ان يفهم ان بسبب الإدمان فقد فقد قدرته في التحكم في ارادته الحرة . و لم يعد مخه قادرا علي السيطرة علي دوافع قيمه او رغبته في عدم التعاطي للمخدرات . بالطبع هذا الكلام قد لا يجد صدي في بداية الحديث مع المريض لان معظم الناس يأخذون إرادتهم الحرة كأمر مسلم به . و لا يفهمون بسهولة ان يعيقها التعاطي او الإدمان .
تسبب جميع العقاقير المخدرة
او الكحوليات ، ارتفاعات كبيرة من مادة الدوبامين
في مناطق الدماغ الخاصة بتحفيز السلوكيات .
و لتبسيط الامر فان
الدوبامين هي المادة المسئولة بالمخ عن الشعور بالسعادة لتحفيز سلوك معين . و عليه نجد هذه المادة في
زيادتها و خاصة في الفص الجبهي بالمخ تتحكم بزيادتها في تعزيز وظائفنا العليا مثل الحكم علي الأمور واتخاذ القرار والتحكم في أفعالنا.
بالطبع عند وجود مادة
الدوبامين بصورة غير طبيعية نتيجة للتعاطي
تحفز الانسان المريض علي سلوك التعاطي مرة
و السلوكيات المرتبطة به و القرارات و الاختيارات و الأفعال التي تقود اليه سعيا
لمزيد من هذه المشاعر الإيجابية .
تتكيف دوائر الدماغ هذه
مع هذه الارتفاعات عن طريق أن تصبح أقل حساسية للدوبامين ، وهي عملية تسمى تقليل تنظيم
المستقبلات. والنتيجة هي أن الأشياء الصحية العادية في حياتنا - كل السلوكيات الاجتماعية
والجسدية الممتعة الضرورية لبقائنا (والتي تكافأ بدفعات صغيرة من الدوبامين على مدار
اليوم) - لم تعد كافية لتحفيز الشخص لاي اختيار او قرار طبيعي غير التعاطي . حتي الأمور
التي كانت تسبب السعادة للشخص مثل النجاح
في العمل او الدراسة او راحة البال او الرضا
العائلي لم تعد ترضيه و تحفزه مقارنة
بتأثير المواد المخدرة . كما انه مع مرور
الوقت يحتاج الشخص إلى زيادة كبيرة من
جرعات المادة المخدرة لزيادة الدوبامين من
العقار فقط ليشعر بأنه بخير مؤقتًا ... ويجب أن يكرر هذا باستمرار ، في حلقة مفرغة
لا نهاية لها من التعاطي و الأفعال و الاختيارات المرتبطة به .
هنا قد يفقد المريض
التحكم في أي قرار للتوقف عن التعاطي و سيصاب باليأس و العجز بسبب عدم قدرته على التحكم في
دوافعه القوية للشرب. سيحاول الإقلاع عن المخدر ، ولكن بعد ذلك سينتكس ، وتتكرر هذه
الدورة مرارًا وتكرارًا ... حتى تكون هناك لحظة أخيرة من كراهية الذات.
أن الإدمان ليس مجرد (كلمة ) "مرض في الدماغ" ، ولكنه (تفصيلا ) مرض يعطل عمل الدوائر الدماغية الخاصة باتخذ القرار و الإرادة الحرة في دماغ المريض . و غالبًا عندها ما يقول مريض الإدمان إن المخدر لم يعد ممتعًا.
و انه فقط يأخذه لانه لا يستطيع السيطرة علي
نفسه و لان تناول المخدر فقط يقضي مؤقتا علي الضيق الناتج عن عدم تناول
المخدر .
بالفعل مرض الإدمان هو
مرض دماغي في الدوائر العصبية تؤدي لفقدان
الاراة الحرة و اختيار القرارات السليمة الخاصة بالتعاطي . هذا المفهوم سيساعد المجتمع و
الجهات الصحية علي تقديم المساعدة لمريض الإدمان بعيدا عن مشاعر العار و الوصمة . سيكون علي الاسرة و مقدمي الرعاية القدرة الأفضل علي الوقوف بجانب المريض دون خجل
او شعور بالاتهام او الوصمة .
د احمد البحيري - استشاري اول الطب النفسي
طبيب نفسي - Psychiatrist
ت : 01224126363