الشعور بالملل قد يتملكنا في بعض الأحيان و هو شعور يزيد او يقل في موقف من المواقف أو
مرحلة عمرية عن غيرها . الوحدة بالتأكيد احد أهم بواعث الملل و الروتينية و ربما
شعرنا بالملل أيضا من العمل أو المدرسة أو في زحمة المرور.
الروتين و قلة المثيرات حولنا او اعتيادنا عليها أو افتقادنا لجاذبيتها و
فضولنا فيها و تعاملنا معها أهم ما يؤدي
للملل .
إذا ذهبنا لعمل أو علاقة أو
الجامعة أو مكان جديد أول مرة فهو مليء
بالمثيرات من كيف ، و لماذا ، و من
هو ،و من هي ، و ما هي العلاقات ، و كيف النجاح و كيف سنتحرك و نتعامل نكون في حالة من التنبه
و الفضول و الإثارة ربما و هنا لا يوجد ملل .
بالطبع الملل شعور سيء و كثير منا يريد التخلص منه ، و ربما كان أسهل وسائل
القضاء علي الملل و الاستمرار في حالة
التنبه و الفضول و الإثارة في هذه الأيام هي التعامل مع الألعاب الالكترونية و وسائل الإعلام الاجتماعي
من فيس بوك و غيره . و للأسف هذه الألعاب الالكترونية و ووسائل الإعلام
الاجتماعي قد تورط في الاعتمادية و الملل و فقدان التنبه و الفضول و الإثارة
أيضا !!!!!!!!!.
و رغم هذه المساوئ و احتمال الاعتمادية هذا لا يمنع محاولاتنا في التعامل
مع الملل ، الناس تقوم بكل ما هو ممكن لتجنب الشعور بالملل و الروتينية و التكرار
. و ربما استخدم الناس في تشتيت الشعور
بالملل بالانغمار لحد الإجهاد في العمل أو حتى إيذاء النفس في بعض الناس !!!!!
الشعور بالملل يصيب الإنسان في عمر الطفولة و لا داعي للاستغراب من ذلك فالأطفال
يعبرون عن مللهم بصورة مباشرة ""أنا زاهقان "". الملل
يعيق الطفل عن الانتباه للدروس و كذلك يجعله يبحث عن الاهتمام و انتباه الآخرين في
سلوكيات مخالفة او مشاجرات مع أطفال آخرين و بالطبع التعامل لمدد كبيرة مع الألعاب
الالكترونية و الكومبيوتر ، معتمدا في كل هذا علي المؤثرات الخارجية و مبتعدا عن تنمية مهاراته و أنشطته
الداخلية النابعة منه مثل الرياضة و الرسم و القراءة و الأصدقاء لتقليل الشعور
بالملل .
العلاقة بين الانتباه و الملل علاقة طردية فالمصابون بالملل يصعب عليهم
الانتباه في الأعمال المكلفين بها ، و المصابون باضطرابات في الانتباه مثل اضطراب فرط الحركة و نقص الانتباه يصابون
بالملل سريعا .
التفاعل مع الملل يتراوح في بعض الناس بين الشعور بالخمول و قلة النشاط و
في الآخرين بسرعة الانفعال و الاستثارة و الوقوع في الخناقات و الخلافات.
الشعور بالملل قد يكون احد أعراض الاضطرابات النفسية فالاكتئاب يزيد فيه
الشعور بالملل للبعد عن الأنشطة الايجابية و لتنشيط الأفكار السلبية الداخلية ،
كذلك يصاب مريض الاكتئاب بعرض فقدان البهجة من أي نشاط خارجي مما يؤدي بالتأكيد
لمزيد الشعور بالملل حتى لو قام المريض بهذه الأنشطة الايجابية .
الملل قد يكون كما قلنا جزءا من اضطراب فرط الحركة و نقص الانتباه وخاصة لو
امتد الإصابة به في عمر البلوغ . و الشعور بالملل هو احد الأعراض الأساسية لاضطراب
الشخصية الحدية حيث تبحث باستمرار عن ما يرضيها مع فقدانها لذلك لسرعة و اندفاعية التخلي
عن أي علاقة أو تجربة أو عمل بسبب الملل أو يؤدي ذلك للشعور بالملل . و أخيرا مرضي
الإدمان علي النيكوتين أو الكحوليات أو المخدرات يصابون بالملل أكثر من غيرهم و
يتعاملون مع الشعور بالضغوط منه بالتعاطي .
للتعامل و علاج الشعور بالملل لابد من تقييم السبب هل هو اكتئاب او قلق او
مشاكل في الانتباه او التعامل مع الضغوط
او مدي الشعور ببهجة الأنشطة . و من المهم تنمية القدرات الداخلية الايجابية من أنشطة
اجتماعية و أصدقاء و عطاء للآخرين او كتابة و قراءة و رسم و رياضة في ضمن مجموعات
بدلا من تغذية مشاعر الوحدة و الملل .
د احمد البحيري
استشاري الطب النفسي